الثلاثاء، أغسطس ٠٨، ٢٠٠٦

لا تصالحْ - أمل دنقل


(1)
لا تصالحْ!..
ولو منحوك الذهب
أترى حين أفقأ عينيك
ثم أثبت جوهرتين مكانهما..
هل ترى..؟
هي أشياء لا تشترى..:
ذكريات الطفولة بين أخيك وبينك،
حسُّكما - فجأةً - بالرجولةِ،
هذا الحياء الذي يكبت الشوق.. حين تعانقُهُ،
الصمتُ - مبتسمين - لتأنيب أمكما..
وكأنكما
ما تزالان طفلين!
تلك الطمأنينة الأبدية بينكما:
أنَّ سيفانِ سيفَكَ..صوتانِ صوتَكَ
أنك إن متَّ:
للبيت ربٌّ
وللطفل أبْ
هل يصير دمي -بين عينيك- ماءً؟
أتنسى ردائي الملطَّخَ بالدماء..
تلبس -فوق دمائي- ثيابًا مطرَّزَةً بالقصب؟
إنها الحربُ!
قد تثقل القلبَ..
لكن خلفك عار العرب
لا تصالحْ..
ولا تتوخَّ الهرب!

(2)
لا تصالح على الدم.. حتى بدم!
لا تصالح! ولو قيل رأس برأسٍ
أكلُّ الرؤوس سواءٌ؟
أقلب الغريب كقلب أخيك؟!
أعيناه عينا أخيك؟!
وهل تتساوى يدٌ.. سيفها كان لك
بيدٍ سيفها أثْكَلك؟
سيقولون:
جئناك كي تحقن الدم..
جئناك. كن -يا أمير- الحكم
سيقولون:
ها نحن أبناء عم
.قل لهم: إنهم لم يراعوا العمومة فيمن هلك
واغرس السيفَ في جبهة الصحراء
إلى أن يجيب العدم
إنني كنت لك
فارسًا،
وأخًا،
وأبًا،
ومَلِك!

(3)
لا تصالح ..
ولو حرمتك الرقاد
صرخاتُ الندامة
وتذكَّر..
(إذا لان قلبك للنسوة اللابسات السواد ولأطفالهن الذين تخاصمهم الابتسامة)
أن بنتَ أخيك "اليمامة"
زهرةٌ تتسربل -في سنوات الصبا-
بثياب الحداد
كنتُ، إن عدتُ:
تعدو على دَرَجِ القصر،
تمسك ساقيَّ عند نزولي..
فأرفعها -وهي ضاحكةٌ-
فوق ظهر الجواد
ها هي الآن.. صامتةٌ
حرمتها يدُ الغدر:
من كلمات أبيها،
ارتداءِ الثياب الجديدةِ
من أن يكون لها -ذات يوم- أخٌ!
من أبٍ يتبسَّم في عرسها..
وتعود إليه إذا الزوجُ أغضبها..
وإذا زارها.. يتسابق أحفادُه نحو أحضانه،
لينالوا الهدايا..
ويلهوا بلحيته (وهو مستسلمٌ)
ويشدُّوا العمامة..
لا تصالح!
فما ذنب تلك اليمامة
لترى العشَّ محترقًا.. فجأةً،
وهي تجلس فوق الرماد؟!

(4)
لا تصالح
ولو توَّجوك بتاج الإمارة
كيف تخطو على جثة ابن أبيكَ..؟
وكيف تصير المليكَ..
على أوجهِ البهجة المستعارة؟
كيف تنظر في يد من صافحوك..
فلا تبصر الدم..
في كل كف؟
إن سهمًا أتاني من الخلف..
سوف يجيئك من ألف خلف
فالدم -الآن- صار وسامًا وشارة
لا تصالح،
ولو توَّجوك بتاج الإمارة
إن عرشَك: سيفٌ
وسيفك: زيفٌ
إذا لم تزنْ -بذؤابته- لحظاتِ الشرف
واستطبت- الترف

(5)
لا تصالح
ولو قال من مال عند الصدامْ"..
ما بنا طاقة لامتشاق الحسام.."
عندما يملأ الحق قلبك:
تندلع النار إن تتنفَّسْ
ولسانُ الخيانة يخرس
لا تصالح
ولو قيل ما قيل من كلمات السلام
كيف تستنشق الرئتان النسيم المدنَّس؟
كيف تنظر في عيني امرأة..
أنت تعرف أنك لا تستطيع حمايتها؟
كيف تصبح فارسها في الغرام؟
كيف ترجو غدًا.. لوليد ينام-
كيف تحلم أو تتغنى بمستقبلٍ لغلام
وهو يكبر -بين يديك- بقلب مُنكَّس؟
لا تصالح
ولا تقتسم مع من قتلوك الطعام
وارْوِ قلبك بالدم..
واروِ التراب المقدَّس..
واروِ أسلافَكَ الراقدين..
إلى أن تردَّ عليك العظام!

(6)
لا تصالح
ولو ناشدتك القبيلة
باسم حزن "الجليلة"
أن تسوق الدهاءَ
وتُبدي -لمن قصدوك- القبول
سيقولون:
ها أنت تطلب ثأرًا يطول
فخذ -الآن- ما تستطيع:
قليلاً من الحق..
في هذه السنوات القليلة
إنه ليس ثأرك وحدك،
لكنه ثأر جيلٍ فجيل
وغدًا..
سوف يولد من يلبس الدرع كاملةً،
يوقد النار شاملةً،
يطلب الثأرَ،
يستولد الحقَّ،
من أَضْلُع المستحيل
لا تصالح
ولو قيل إن التصالح حيلة
إنه الثأرُ
تبهتُ شعلته في الضلوع.
.إذا ما توالت عليها الفصول..
ثم تبقى يد العار مرسومة (بأصابعها الخمس)
فوق الجباهِ الذليلة!

(7)
لا تصالحْ،
ولو حذَّرتْك النجوم
ورمى لك كهَّانُها بالنبأ..
كنت أغفر لو أنني متُّ..
ما بين خيط الصواب وخيط الخطأ.
لم أكن غازيًا،
لم أكن أتسلل قرب مضاربهم
أو أحوم وراء التخوم
لم أمد يدًا لثمار الكروم
أرض بستانِهم لم أطأ
لم يصح قاتلي بي: "انتبه"!
كان يمشي معي..
ثم صافحني..
ثم سار قليلاً
ولكنه في الغصون اختبأ!
فجأةً:
ثقبتني قشعريرة بين ضعلين..
واهتزَّ قلبي -كفقاعة- وانفثأ!
وتحاملتُ، حتى احتملت على ساعديَّ
فرأيتُ: ابن عمي الزنيم
واقفًا يتشفَّى بوجه لئيم
لم يكن في يدي حربةٌأ
و سلاح قديم،
لم يكن غير غيظي الذي يتشكَّى الظمأ

(8)
لا تصالحُ..
إلى أن يعود الوجود لدورته الدائرة:
النجوم.. لميقاتها
والطيور.. لأصواتها
والرمال.. لذراتها
والقتيل لطفلته الناظرة
كل شيء تحطم في لحظة عابرة:
الصبا - بهجةُ الأهل - صوتُ الحصان - التعرفُ بالضيف - همهمةُ القلب حين يرى برعماً في
الحديقة يذوي - الصلاةُ لكي ينزل المطر الموسميُّ - مراوغة القلب حين يرى طائر الموتِ
وهو يرفرف فوق المبارزة الكاسرة
كلُّ شيءٍ تحطَّم في نزوةٍ فاجرة
والذي اغتالني: ليس ربًا..
ليقتلني بمشيئته
ليس أنبل مني.. ليقتلني بسكينته
ليس أمهر مني.. ليقتلني باستدارتِهِ الماكرة
لا تصالحْ
فما الصلح إلا معاهدةٌ بين ندَّينْ..
(في شرف القلب)
لا تُنتقَصْ
والذي اغتالني مَحضُ لصْ
سرق الأرض من بين عينيَّ
والصمت يطلقُ ضحكته الساخرة!

(9)
لا تصالح
فليس سوى أن تريد
أنت فارسُ هذا الزمان الوحيد
وسواك.. المسوخ!

(10)
لا تصالحْ
لا تصالحْ

الخميس، يوليو ١٣، ٢٠٠٦

على راس شباكي - فؤاد حداد


وأنا قاعده على راس شباكي
فاتت عربيه ملاكي
بيغـنّي أنا باستناكي
قفلت الضلفه عَيّط آه
بالحيّـاني وقال ما أحلاكي
قفلت الضلفه في وشه قفاه
بالحيّـاني: مين قسّاكي
قفلت الضلفه سَرَح في بكاه
بالحيّـاني وبالسكّـوتي
بقى يبكي بكا باكو بسكوتي
فتحت الضلفه بقى مش باكي
وقع في شباكي
وأنا قاعده على راس شباكي


فؤاد حداد - من ديوان "ميت بوتيك"

الاثنين، يوليو ١٠، ٢٠٠٦

ذي سحالي - فؤاد حداد


أنا حرّه وأموت في الحريّه
ومزاجي أعمل سحلـيّـه
أزحف ع الأرض وع الحيطه
واطلع وانزل واعمل زيطه
واضرب في الشمس طرمبيطه
أنا حره بديلي وبراسي
وماحدّش يكتم أنفاسي
وما احطش ماسك لإحساسي
ولا احط قزاز
ولا أقفل شيش
عقلي يا هزاز
كلّك نغاشيش
وأنا حره أعيش
أنا عاوزه أعيش
أنا بدي أعيش
أنا نفسي أعيش
على كيف كيفي

أنا حرّه وأموت في الحريّه
ومزاجي أعمل سحلـيّـه
أرقع في الشمس الزغروطه
واخد حمام من غير فوطه
أنا حره براسي وبديلي
حره بنهاري وبليلي
حره بمناخيري القطقوطه
أنا حره بخشمي ماهوش خشمك
وما احطش برقع ولا يشمك
ولا احط قزاز
ولا أقفل شيش
عقلي يا هزاز
كلّك نغاشيش
وأنا حره أعيش

أنا حرّه وأموت في الحريّه
ومزاجي أعمل سحلـيّـه
أنا ابقى سحليه وسيمه
ويجيني برص بتاع سيما
وبتاع مزيكا وترا لم لم
واتاوي في حضنه وأنا باحلم
ويقول لي ابتسمي يا بسيمه
وافرحي بالميه وبالخضره
ماتحطيش احمر ولا بودره
ولا احط قزاز
ولا أقفل شيش
عقلي يا هزاز
كلّك نغاشيش
وأنا حره أعيش

أنا حرّه وأموت في الحريّه
ومزاجي أعمل سحلـيّـه
سحليه وحبايبي سحالي
أنا حره بحالي ومحتالي
حرة أصحصح والا أسخسخ
والا أغني وقلبي يشخشخ
أبواب الدنيا فاتحه لي
ما اقعدشي في الأوده لوحدي
وما احطش إيدي على خدي
ولا احط قزاز
ولا أقفل شيش
عقلي يا هزاز
كلّك نغاشيش
وأنا حره أعيش
أنا عاوزه أعيش
أنا بدي أعيش
أنا نفسي أعيش
على كيف كيفي


"فؤاد حداد – قصيدة "ذي سحالي
من ديوان "رقص ومغنى" ضمن ديوان "أشعار فؤاد حداد" (أو الدواوين الخمسة) – الناشر دار المستقبل العربي

السبت، يوليو ٠١، ٢٠٠٦

ديكورات بسيطة - أحمد الفخراني


لإن زرياب استضافني في التياترو علشان أقدم نمرة...قررت أرد الزيارة و استضيفه عندي هنا ع الأرض علشان يحط لنا شوية " ديكورات بسيطة".


إرميه من على قلبِك
النور ده كله...مش مخلي حد يشوفك
إنتي أصلاً
لا بالعقل ده...ولا أنا...بالجنان ده
ومع ذلك ما بنتقابلش
لا ف خيال هادي...ولا ف خيال مليان عواصف
وزمجرة كلاب...
الألوان دي كلها...مش محتاجينها
هطيّرها من على جسمِك
واَبِقْى لونين...الأزرق...والوردي
الكلام اللي بينا
دايماً يتأخر عن ميعاده
زي الوقت
اللي دايماً يتأخر عن ميعاده معايا
بساعة
ماكنتش بلومه...
أصلي عارف...إني ماكنتش في الساعة دية
هعجن الدنيا من جديد...
كل المية اللي رايحة جاية في وشِك
أكتر بكتير...م اللي قلنا هناخده
علشان نسقي بيه وردتنا
لو بس وشك يدبل شوية
صدقيني...
الورد اللي بين الموت والحيا
بيبقى حقيقي أكتر...وبيشوف أبعد
عينيا ساعات...
كانت بتلمع
وتفاجئني وأنا في وسط ناس
وبحكيلهم
عن جني في المصباح
وعن دهب...في قشرة التفاح
كأني أنا بجد
اللي واقف وسطيهم
صوتي ساعتها كأنه كان بيطير
مع حركات إيديا
والناس-اللي كان ممكن تصدقني-
اتحرك جواهم
كل الحنان اللي ممكن
يدوه للقطط
أو ياخدوه من السكر
دلوقتي إنتي جاهزة
-تقريباً-
علشان أوزع على جسمك
مناطق الضل والإضاءة
وشوية ديكورات بسيطة
البانسيه مثلاً...
ممكن ياخد مكان السكوت الطويل
وصوتِك
ممكن يبقى شزلونج ومزهرية
وعنيكي
ممكن تبقى شيرز صوف...أو فيونكات للقطط
تعرفي...
الوقت اللي دايماً...ما بيجيش في وقته
بيطفي عينيا فجأة وأنا في وسط ناس
ويخلي صوتي اللي طاير مع حركات إيديا
يقع على الأرض
ويدشدش ميت حتة
وببقى عارف...إنهم مش هيصدقوني
وهما شايفين إيديا
بشرَّب يتامى...وبقايا ريش
ببقى عايز أجري
أجري
واقعد لوحدي...ف أبعد مكان فيكي
من غير ما نتقابل...
لا ف خيال هادي...
ولا ف خيال مليان عواصف
وزمجرة كلاب


أحمد الفخراني (زرياب)
4 ديسمبر 2004

الأربعاء، أبريل ٢٦، ٢٠٠٦

عيرة - علي سلامة


الشعر عيرة والكحل عيرة
والورد فوق الخد
ولحد الضفيرة عيرة
الصبر عيرة والضحك عيرة
والفرح والأحزان كمان وحاجات كتيرة
حتى الحنان جوه البيوت
حتى الكلام...حتي السكوت
حتى الهتاف جوه المسيرة برضه عيرة
حيرني حيرة
بقينا ليه حبة حاجات
قمصان بدل على بالونات
ما بقيتش شايف إيه اللي جاي وإيه اللي فات
ما بقيتش افرق
ده أزرق ده ولا أحمر رمادي
ودي كارثة ولا ده وضع عادي
وده طفل ولا راجل عجوز
وده إيه ده راخر
جايز يجوز
نعسان ده ولا ساكت وساير
بردان ده ولا ده دور وداير
وده إحنا ولا الكل حاير

(القصيدة منشورة بإذن من الشاعر)