الجمعة، فبراير ١٦، ٢٠٠٧

رسالة - ناظم حكمت



لا تحيا على الأرض
كمستأجر بيت
أو زائر ريف وسط الخضرة
ولتحيا على الأرض
كما لو كان العالم بيت أبيك
ثق في الحب وفي الأرض وفي البحر
ولتمنح ثقتك قبل الأشياء الأخرى للإنسان
امنح حبك للسحب وللآلة والكتب
ولتمنح حبك قبل الأشياء الأخرى للإنسان
ولتستشعر اكتئابة الغصن الجاف
والكوكب الخامد
والحيوان المقعد
ولتستشعر أولاً اكتئابة الإنسان
لتحمل لك الفرحة
كل طيبات الأرض
ليحمل لك الفرحة
الظل والضوء
لتحمل لك الفرحة
الفصول الأربعة
ولكن فليحمل لك الإنسان
أول فرحة

ناظم حكمت
من قصيدة "لعلها آخر رسالة إلى ولدي محمد"
من ديوان "أغنيات المنفى"
ترجمة محمد البخاري


الثلاثاء، أغسطس ٠٨، ٢٠٠٦

لا تصالحْ - أمل دنقل


(1)
لا تصالحْ!..
ولو منحوك الذهب
أترى حين أفقأ عينيك
ثم أثبت جوهرتين مكانهما..
هل ترى..؟
هي أشياء لا تشترى..:
ذكريات الطفولة بين أخيك وبينك،
حسُّكما - فجأةً - بالرجولةِ،
هذا الحياء الذي يكبت الشوق.. حين تعانقُهُ،
الصمتُ - مبتسمين - لتأنيب أمكما..
وكأنكما
ما تزالان طفلين!
تلك الطمأنينة الأبدية بينكما:
أنَّ سيفانِ سيفَكَ..صوتانِ صوتَكَ
أنك إن متَّ:
للبيت ربٌّ
وللطفل أبْ
هل يصير دمي -بين عينيك- ماءً؟
أتنسى ردائي الملطَّخَ بالدماء..
تلبس -فوق دمائي- ثيابًا مطرَّزَةً بالقصب؟
إنها الحربُ!
قد تثقل القلبَ..
لكن خلفك عار العرب
لا تصالحْ..
ولا تتوخَّ الهرب!

(2)
لا تصالح على الدم.. حتى بدم!
لا تصالح! ولو قيل رأس برأسٍ
أكلُّ الرؤوس سواءٌ؟
أقلب الغريب كقلب أخيك؟!
أعيناه عينا أخيك؟!
وهل تتساوى يدٌ.. سيفها كان لك
بيدٍ سيفها أثْكَلك؟
سيقولون:
جئناك كي تحقن الدم..
جئناك. كن -يا أمير- الحكم
سيقولون:
ها نحن أبناء عم
.قل لهم: إنهم لم يراعوا العمومة فيمن هلك
واغرس السيفَ في جبهة الصحراء
إلى أن يجيب العدم
إنني كنت لك
فارسًا،
وأخًا،
وأبًا،
ومَلِك!

(3)
لا تصالح ..
ولو حرمتك الرقاد
صرخاتُ الندامة
وتذكَّر..
(إذا لان قلبك للنسوة اللابسات السواد ولأطفالهن الذين تخاصمهم الابتسامة)
أن بنتَ أخيك "اليمامة"
زهرةٌ تتسربل -في سنوات الصبا-
بثياب الحداد
كنتُ، إن عدتُ:
تعدو على دَرَجِ القصر،
تمسك ساقيَّ عند نزولي..
فأرفعها -وهي ضاحكةٌ-
فوق ظهر الجواد
ها هي الآن.. صامتةٌ
حرمتها يدُ الغدر:
من كلمات أبيها،
ارتداءِ الثياب الجديدةِ
من أن يكون لها -ذات يوم- أخٌ!
من أبٍ يتبسَّم في عرسها..
وتعود إليه إذا الزوجُ أغضبها..
وإذا زارها.. يتسابق أحفادُه نحو أحضانه،
لينالوا الهدايا..
ويلهوا بلحيته (وهو مستسلمٌ)
ويشدُّوا العمامة..
لا تصالح!
فما ذنب تلك اليمامة
لترى العشَّ محترقًا.. فجأةً،
وهي تجلس فوق الرماد؟!

(4)
لا تصالح
ولو توَّجوك بتاج الإمارة
كيف تخطو على جثة ابن أبيكَ..؟
وكيف تصير المليكَ..
على أوجهِ البهجة المستعارة؟
كيف تنظر في يد من صافحوك..
فلا تبصر الدم..
في كل كف؟
إن سهمًا أتاني من الخلف..
سوف يجيئك من ألف خلف
فالدم -الآن- صار وسامًا وشارة
لا تصالح،
ولو توَّجوك بتاج الإمارة
إن عرشَك: سيفٌ
وسيفك: زيفٌ
إذا لم تزنْ -بذؤابته- لحظاتِ الشرف
واستطبت- الترف

(5)
لا تصالح
ولو قال من مال عند الصدامْ"..
ما بنا طاقة لامتشاق الحسام.."
عندما يملأ الحق قلبك:
تندلع النار إن تتنفَّسْ
ولسانُ الخيانة يخرس
لا تصالح
ولو قيل ما قيل من كلمات السلام
كيف تستنشق الرئتان النسيم المدنَّس؟
كيف تنظر في عيني امرأة..
أنت تعرف أنك لا تستطيع حمايتها؟
كيف تصبح فارسها في الغرام؟
كيف ترجو غدًا.. لوليد ينام-
كيف تحلم أو تتغنى بمستقبلٍ لغلام
وهو يكبر -بين يديك- بقلب مُنكَّس؟
لا تصالح
ولا تقتسم مع من قتلوك الطعام
وارْوِ قلبك بالدم..
واروِ التراب المقدَّس..
واروِ أسلافَكَ الراقدين..
إلى أن تردَّ عليك العظام!

(6)
لا تصالح
ولو ناشدتك القبيلة
باسم حزن "الجليلة"
أن تسوق الدهاءَ
وتُبدي -لمن قصدوك- القبول
سيقولون:
ها أنت تطلب ثأرًا يطول
فخذ -الآن- ما تستطيع:
قليلاً من الحق..
في هذه السنوات القليلة
إنه ليس ثأرك وحدك،
لكنه ثأر جيلٍ فجيل
وغدًا..
سوف يولد من يلبس الدرع كاملةً،
يوقد النار شاملةً،
يطلب الثأرَ،
يستولد الحقَّ،
من أَضْلُع المستحيل
لا تصالح
ولو قيل إن التصالح حيلة
إنه الثأرُ
تبهتُ شعلته في الضلوع.
.إذا ما توالت عليها الفصول..
ثم تبقى يد العار مرسومة (بأصابعها الخمس)
فوق الجباهِ الذليلة!

(7)
لا تصالحْ،
ولو حذَّرتْك النجوم
ورمى لك كهَّانُها بالنبأ..
كنت أغفر لو أنني متُّ..
ما بين خيط الصواب وخيط الخطأ.
لم أكن غازيًا،
لم أكن أتسلل قرب مضاربهم
أو أحوم وراء التخوم
لم أمد يدًا لثمار الكروم
أرض بستانِهم لم أطأ
لم يصح قاتلي بي: "انتبه"!
كان يمشي معي..
ثم صافحني..
ثم سار قليلاً
ولكنه في الغصون اختبأ!
فجأةً:
ثقبتني قشعريرة بين ضعلين..
واهتزَّ قلبي -كفقاعة- وانفثأ!
وتحاملتُ، حتى احتملت على ساعديَّ
فرأيتُ: ابن عمي الزنيم
واقفًا يتشفَّى بوجه لئيم
لم يكن في يدي حربةٌأ
و سلاح قديم،
لم يكن غير غيظي الذي يتشكَّى الظمأ

(8)
لا تصالحُ..
إلى أن يعود الوجود لدورته الدائرة:
النجوم.. لميقاتها
والطيور.. لأصواتها
والرمال.. لذراتها
والقتيل لطفلته الناظرة
كل شيء تحطم في لحظة عابرة:
الصبا - بهجةُ الأهل - صوتُ الحصان - التعرفُ بالضيف - همهمةُ القلب حين يرى برعماً في
الحديقة يذوي - الصلاةُ لكي ينزل المطر الموسميُّ - مراوغة القلب حين يرى طائر الموتِ
وهو يرفرف فوق المبارزة الكاسرة
كلُّ شيءٍ تحطَّم في نزوةٍ فاجرة
والذي اغتالني: ليس ربًا..
ليقتلني بمشيئته
ليس أنبل مني.. ليقتلني بسكينته
ليس أمهر مني.. ليقتلني باستدارتِهِ الماكرة
لا تصالحْ
فما الصلح إلا معاهدةٌ بين ندَّينْ..
(في شرف القلب)
لا تُنتقَصْ
والذي اغتالني مَحضُ لصْ
سرق الأرض من بين عينيَّ
والصمت يطلقُ ضحكته الساخرة!

(9)
لا تصالح
فليس سوى أن تريد
أنت فارسُ هذا الزمان الوحيد
وسواك.. المسوخ!

(10)
لا تصالحْ
لا تصالحْ

الخميس، يوليو ١٣، ٢٠٠٦

على راس شباكي - فؤاد حداد


وأنا قاعده على راس شباكي
فاتت عربيه ملاكي
بيغـنّي أنا باستناكي
قفلت الضلفه عَيّط آه
بالحيّـاني وقال ما أحلاكي
قفلت الضلفه في وشه قفاه
بالحيّـاني: مين قسّاكي
قفلت الضلفه سَرَح في بكاه
بالحيّـاني وبالسكّـوتي
بقى يبكي بكا باكو بسكوتي
فتحت الضلفه بقى مش باكي
وقع في شباكي
وأنا قاعده على راس شباكي


فؤاد حداد - من ديوان "ميت بوتيك"

الاثنين، يوليو ١٠، ٢٠٠٦

ذي سحالي - فؤاد حداد


أنا حرّه وأموت في الحريّه
ومزاجي أعمل سحلـيّـه
أزحف ع الأرض وع الحيطه
واطلع وانزل واعمل زيطه
واضرب في الشمس طرمبيطه
أنا حره بديلي وبراسي
وماحدّش يكتم أنفاسي
وما احطش ماسك لإحساسي
ولا احط قزاز
ولا أقفل شيش
عقلي يا هزاز
كلّك نغاشيش
وأنا حره أعيش
أنا عاوزه أعيش
أنا بدي أعيش
أنا نفسي أعيش
على كيف كيفي

أنا حرّه وأموت في الحريّه
ومزاجي أعمل سحلـيّـه
أرقع في الشمس الزغروطه
واخد حمام من غير فوطه
أنا حره براسي وبديلي
حره بنهاري وبليلي
حره بمناخيري القطقوطه
أنا حره بخشمي ماهوش خشمك
وما احطش برقع ولا يشمك
ولا احط قزاز
ولا أقفل شيش
عقلي يا هزاز
كلّك نغاشيش
وأنا حره أعيش

أنا حرّه وأموت في الحريّه
ومزاجي أعمل سحلـيّـه
أنا ابقى سحليه وسيمه
ويجيني برص بتاع سيما
وبتاع مزيكا وترا لم لم
واتاوي في حضنه وأنا باحلم
ويقول لي ابتسمي يا بسيمه
وافرحي بالميه وبالخضره
ماتحطيش احمر ولا بودره
ولا احط قزاز
ولا أقفل شيش
عقلي يا هزاز
كلّك نغاشيش
وأنا حره أعيش

أنا حرّه وأموت في الحريّه
ومزاجي أعمل سحلـيّـه
سحليه وحبايبي سحالي
أنا حره بحالي ومحتالي
حرة أصحصح والا أسخسخ
والا أغني وقلبي يشخشخ
أبواب الدنيا فاتحه لي
ما اقعدشي في الأوده لوحدي
وما احطش إيدي على خدي
ولا احط قزاز
ولا أقفل شيش
عقلي يا هزاز
كلّك نغاشيش
وأنا حره أعيش
أنا عاوزه أعيش
أنا بدي أعيش
أنا نفسي أعيش
على كيف كيفي


"فؤاد حداد – قصيدة "ذي سحالي
من ديوان "رقص ومغنى" ضمن ديوان "أشعار فؤاد حداد" (أو الدواوين الخمسة) – الناشر دار المستقبل العربي

السبت، يوليو ٠١، ٢٠٠٦

ديكورات بسيطة - أحمد الفخراني


لإن زرياب استضافني في التياترو علشان أقدم نمرة...قررت أرد الزيارة و استضيفه عندي هنا ع الأرض علشان يحط لنا شوية " ديكورات بسيطة".


إرميه من على قلبِك
النور ده كله...مش مخلي حد يشوفك
إنتي أصلاً
لا بالعقل ده...ولا أنا...بالجنان ده
ومع ذلك ما بنتقابلش
لا ف خيال هادي...ولا ف خيال مليان عواصف
وزمجرة كلاب...
الألوان دي كلها...مش محتاجينها
هطيّرها من على جسمِك
واَبِقْى لونين...الأزرق...والوردي
الكلام اللي بينا
دايماً يتأخر عن ميعاده
زي الوقت
اللي دايماً يتأخر عن ميعاده معايا
بساعة
ماكنتش بلومه...
أصلي عارف...إني ماكنتش في الساعة دية
هعجن الدنيا من جديد...
كل المية اللي رايحة جاية في وشِك
أكتر بكتير...م اللي قلنا هناخده
علشان نسقي بيه وردتنا
لو بس وشك يدبل شوية
صدقيني...
الورد اللي بين الموت والحيا
بيبقى حقيقي أكتر...وبيشوف أبعد
عينيا ساعات...
كانت بتلمع
وتفاجئني وأنا في وسط ناس
وبحكيلهم
عن جني في المصباح
وعن دهب...في قشرة التفاح
كأني أنا بجد
اللي واقف وسطيهم
صوتي ساعتها كأنه كان بيطير
مع حركات إيديا
والناس-اللي كان ممكن تصدقني-
اتحرك جواهم
كل الحنان اللي ممكن
يدوه للقطط
أو ياخدوه من السكر
دلوقتي إنتي جاهزة
-تقريباً-
علشان أوزع على جسمك
مناطق الضل والإضاءة
وشوية ديكورات بسيطة
البانسيه مثلاً...
ممكن ياخد مكان السكوت الطويل
وصوتِك
ممكن يبقى شزلونج ومزهرية
وعنيكي
ممكن تبقى شيرز صوف...أو فيونكات للقطط
تعرفي...
الوقت اللي دايماً...ما بيجيش في وقته
بيطفي عينيا فجأة وأنا في وسط ناس
ويخلي صوتي اللي طاير مع حركات إيديا
يقع على الأرض
ويدشدش ميت حتة
وببقى عارف...إنهم مش هيصدقوني
وهما شايفين إيديا
بشرَّب يتامى...وبقايا ريش
ببقى عايز أجري
أجري
واقعد لوحدي...ف أبعد مكان فيكي
من غير ما نتقابل...
لا ف خيال هادي...
ولا ف خيال مليان عواصف
وزمجرة كلاب


أحمد الفخراني (زرياب)
4 ديسمبر 2004

الأربعاء، أبريل ٢٦، ٢٠٠٦

عيرة - علي سلامة


الشعر عيرة والكحل عيرة
والورد فوق الخد
ولحد الضفيرة عيرة
الصبر عيرة والضحك عيرة
والفرح والأحزان كمان وحاجات كتيرة
حتى الحنان جوه البيوت
حتى الكلام...حتي السكوت
حتى الهتاف جوه المسيرة برضه عيرة
حيرني حيرة
بقينا ليه حبة حاجات
قمصان بدل على بالونات
ما بقيتش شايف إيه اللي جاي وإيه اللي فات
ما بقيتش افرق
ده أزرق ده ولا أحمر رمادي
ودي كارثة ولا ده وضع عادي
وده طفل ولا راجل عجوز
وده إيه ده راخر
جايز يجوز
نعسان ده ولا ساكت وساير
بردان ده ولا ده دور وداير
وده إحنا ولا الكل حاير

(القصيدة منشورة بإذن من الشاعر)


الأربعاء، نوفمبر ٢٣، ٢٠٠٥

سماء منخفضة - محمود درويش




هُنَالِكَ حُبٌّ يسيرُ على قَدَمَيْهِ الحَرِيرِيَّتَيْن
سعيدًا بغُرْبَتِهِ في الشوارع،
حُبٌّ صغيرٌ فقيرٌ يُبَلِّلُهُ مَطَرٌ عابرٌ
فيفيض على العابرين:
( هدايايَ أكبرُ منّي
كُلُوا حِنْطَتي
واشربوا خَمْرَتي
فسمائي على كتفيَّ وأَرضي لَكُمْ )...
هَلْ شمَمْتِ دَمَ الياسمينِ المُشَاعَ
وفكَّرْتِ بي
وانتظرتِ معي طائرًا أَخضرَ الذَيْلِ
لا اسْمَ لَهُ؟
هُنَالِكَ حُبٌّ فقيرٌ يُحدِّقُ في النهرِ
مُسْتَسْلِمًا للتداعي: إلى أَين تَرْكُضُ
يا فَرَسَ الماءِ؟
عما قليل سيمتصُّكَ البحرُ
فامش الهوينى إلى مَوْتكَ الاِختياريِّ،
يا فَرَسَ الماء!
هل كنتِ لي ضَفَّتَينْ
وكان المكانُ كما ينبغي أن يكون
خفيفًا خفيفًا على ذكرياتِكِ ؟
أَيَّ الأغاني تُحِبِّينَ ؟
أيَّ الأغاني؟ أَتلك التي
تتحدَّثُ عن عَطَشِ الحُبِّ،
أَمْ عن زمانٍ مضى ؟
هنالك حُبّ فقير، ومن طَرَفٍ واحدٍ
هادئٌ هادئٌ لا يُكَسِّرُ
بِلَّوْرَ أَيَّامِكِ المُـنْتَقَاةِ
ولا يُوقدُ النارَ في قَمَرٍ باردٍ
في سريرِكِ،
لا تشعرينَ بهِ حينَ تبكينَ من هاجسٍ،
رُبَّما بدلاً منه،
لا تعرفين بماذا تُحِسِّين حين تَضُمِّينَ
نَفسَكِ بين ذراعيكِ!
أَيَّ الليالي تريدين ؟ أيَّ الليالي ؟
وما لوْنُ تِلْكَ العيونِ التي تحلُمينَ
بها عندما تحلُمين؟
هُنَالِكَ حُبٌّ فقيرٌ، ومن طرفين
يُقَلِّلُ من عَدَد اليائسين
ويرفَعُ عَرْشَ الحَمَام على الجانبين.
عليكِ، إذًا، أَن تَقُودي بنفسِكِ
هذا الربيعَ السريعَ إلى مَنْ تُحبّينَ
أَيَّ زمانٍ تريدين ؟ أَيَّ زمان ؟
لأُصبحَ شاعِرَهُ، هكذا هكذا: كُلَّما
مَضَتِ امرأةٌ في المساء إلى سرِّها
وَجَدَتْ شاعرًا سائرًا في هواجسها.
كُلَّما غاص في نفسه شاعرٌ
وَجَدَ امرأةً تتعرَّى أَمام قصيدتِهِ...
أَيَّ منفىً تريدينَ؟
هل تذهبين معي، أَمْ تسيرين وَحْدَكِ
في اسْمك منفًى يُكَلَّلُ منفًى
بِلأْلاَئِهِ ؟
هُنالِكَ حُبٌّ يَمُرُّ بنا،
دون أَن نَنْتَبِهْ،
فلا هُوَ يَدْري ولا نحن نَدْري
لماذا تُشرِّدُنا وردةٌ في جدارٍ قديم
وتبكي فتاةٌ على مَوْقف الباص،
تَقْضِمُ تُفَّاحَةً ثم تبكي وتضحَكُ:
(لا شيءَ، لا شيءَ أكثر
من نَحْلَةٍ عَبَرَتْ في دمي...
هُنالِكَ حُبّ فقيرٌ، يُطيلُ
التأمُّلَ في العابرين، ويختارُ
أَصغَرَهُمْ قمرًا: أَنتَ في حاجةٍ
لسماءٍ أَقلَّ ارتفاعًا،
فكن صاحبي تَتَّسعْ
لأَنانيَّةِ اثنين لا يعرفان
لمن يُهْدِيانِ زُهُورَهُما...
ربَّما كان يَقْصِدُني، رُبَّما
كان يقصدُنا دون أَن نَنْتَبِهْ
هُنَالِكَ حُبّ ...


محمود درويش

شكراً لعمرو على القصيدة

السبت، يوليو ٢٣، ٢٠٠٥

لما نبقى لوحدنا - أحمد حداد



لما نبقى لوحدنا...مين قَدِنا
كل الطيور بتيجي ترتاح جنبنا
وسط الزحام بنتوه كتير عن بعضنا
لكن الخلا قادر يجمّع حبنا

لما بنبقى لوحدنا تحت القمر
والدنيا ليل والقلب بيحب السهر
وأما الطيور بتنادي من فوق الشجر
كل الحاجات الحلوة تبقى ملكنا

لما بنبقى لوحدنا باقول كلام
عمري ما قلته في القصايد والمنام
أصلك يا روح قلبي النسايم والغرام
وانتي الملاك اللي بيسعد أرضنا

لما بنبقى لوحدنا وفي إيدي عود
وإنتي نايمة في المطر وسط الورود
ياللي إنتي أجمل بنت عايشة في الوجود
ومن المطر...وحده الوتر يعزفلنا

لما بنبقى لوحدنا باقول باحبك
نامي في قلبي ونيميني جوه قلبك
تعالي مرة زوريني في جزيرتي بقى
نفسي القمر ييجي ويسكن عندنا


(أحمد حداد من ديوان "الورد اللي بيطلع" (المركز المصري العربي – 2000

الأربعاء، يوليو ١٣، ٢٠٠٥

كنقطة عتمة في الضوء - سوزان عليوان



بإمكانِ كُلٍّ منّا
.ألاّ ينامَ وحيدًا

لماذا لا تحرّكُ مقبضَ بابي
في هذه اللحظةِ
وتدخلُ
كضوءٍ
في العتمة؟
تجلسُ إلى حافةِ سريري
تعيشُ أرقي
والقهوةَ
وموسيقى روحٍ تجلّتْ؟

لماذا لا تأتي
كنجمةٍ بردانةٍ
تختبئُ تحت لحافي؟

قلبي يتيمٌ
كنقطةِ عتمةٍ
.في الضوءِ


لماذا لا تفاجئني
وتحرّكُ مقبضَ البابِ
فالستائرَ
فعدّةَ القهوةِ
وجهازَ التسجيل؟


لديَّ صمتٌ كثيرٌ
و بنٌّ رائعٌ
و اسطواناتٌ مجنونةٌ
.أعرفُ أنّك تُحبُّها


سوزان عليوان

"من ديوان "لا أشبه أحداً

الأربعاء، يونيو ٢٩، ٢٠٠٥

كما لو في حلم - سوزان عليوان




كانَ يحلمُ
و كانت، هي أيضًا، تحلمُ
و في معادلةٍ عجيبةٍ
تعجزُ عن تفسيرِها كلُّ علومِ العالم )
(و يشرحُها، بكُلِّ بساطةٍ، بائعُ وردٍ متجوِّل
التقيا
كما لو في حلمٍ
و حينَ تعانقت أصابعُهُما
لأوَّلِ مرَّةٍ
ابتسما
ابتسامةً كبيرة
مثلَ قمرٍ
اكتمل
:بنجمتيْنِ
يدُهُ
و يدُها
المشبوكتانِ
.بوردةٍ حمراء



سوزان عليوان

من ديوان "لنتخيل المشهد" - بيروت 2004


الأربعاء، يونيو ٠١، ٢٠٠٥

ازرع كل الأرض مقاومة


ازرع كل الأرض مقاومه
ترمي في كل الأرض جدور
ان كان ضلمه تمد النور
وان كان سجن تهد السور
كون البادئ كون البادئ
كل فروع الحق بنادق
غير الدم ماحدش صادق
من أيام الوطن اللاجئ
إلى يوم الوطن المنصور
ازرع كل الأرض مقاومه


فؤاد حداد
من ديوان الحَمْـل الفلسطيني

الخميس، مايو ٢٦، ٢٠٠٥

باحبها...وألعن أبوها بعشق زي الداء


على اسم مصر التاريخ يقدر يقول ما شاء
أنا مصر عندي أحب وأجمل الأشياء
باحبها وهيّ مالكه الأرض شرق وغرب
وباحبها وهيّ مرمية جريحة حرب
باحبها بعنف وبرقة وعلى استحياء
وأكرهها وألعن أبوها بعشق زي الداء
وأسيبها وأطفش في درب وتبقى هيّ ف درب
وتلتفت تلاقيني جنبها في الكرب
والنبض ينفض عروقي بألف نغمة وضرب
على اسم مصر


صلاح جاهين

"من قصيدة "على اسم مصر

أهديها النهارده لكل الناس اللي استفتوا وما استفتوش واتضربوا وما اتضربوش على اسم مصر

الجمعة، مايو ٠٦، ٢٠٠٥

الأمل - فؤاد حداد


يا دمعة العين ما تخافيش تجرى
لابد منك في الحماس الحق
الدنيا صيف والجو مش أخضر
و الموت ماهوش في صفحة الوفيات
ولابد من إتنين
الجوع وناكل
العطش ونشرب
الحياة والموت
الهزيمة وننتصر
الصبر
لاكن مافيش صبر في الدنيا يقدر
وإن كنت عمري ميت سنه
وإن كنت ميت ألف لاجئ
ما فيش صبر في الدنيا يقدر يفطمني عن وطني



فؤاد حداد
"قصيدة "الأمل
"من ديوان "الحمل الفلسطيني

الأربعاء، أبريل ٢٠، ٢٠٠٥

كل الكل - فؤاد حداد


هات كل الدنيا تنوّر
هات كل الدنيا تغني


أنا صاحي الفجر وخايف
لا النسمه تكون قلقتها
أنا باسأل عنها لقيتها
الحلوه بتسأل عني
أنا زي الحنه في إيدها
هات كل الدنيا تغني
هات كل الدنيا تنوّر


أنا زي الحنه في إيدها
زي الحنه في الكف
باتشمّس تحت السقف
أنا ليله جديده وألف
زي الزغروطه في ريقها
هات كل الدنيا تنوّر
هات كل الدنيا تغني


زي الزغروطه في ريقها
تعرف للجنه طريقها
أنا قلبي الطاير طاير
بيسبح للي خالقها
أنا زي الحلم معاها
هات كل الدنيا تنوّر
هات كل الدنيا تغني


أنا زي الحلم معاها
الدنيا اللي مطاوعاها
م الفرحه مش سايعاها
والرايحة تقول للجايه
والحنه تقول للفل
هات كل الدنيا تنوّر
هات كل الدنيا تغني


الحنه تقول للفل
والشمس تقول للقمره
والريحه تقول للزينه
إحنا بقينا لبعضينا
هات كل الكل الكل
هات كل الدنيا تغني
هات كل الدنيا تنوّر


(من ديوان عيل على المعاش (الشخاليل

الاثنين، أبريل ١٨، ٢٠٠٥

الأبجدية - أمين حداد


الف أحبك
وبه باحبك
وبه وته
دايماً يا بت
دايماً باحبك


والثه باثأثأ
وأقول باحبك


والجيم جوابي
يقول باحبك


والحه حواسي
وحب عيني
وحُر مالي
حلق في ودنك
يقول باحبك


وخه ودال
خدك يندي
ياخد ويدي
مع شفايفي
أكتب في كفي
أنا باحبك


والذال ذكاوه
عريس نقاوه
يقول باحبك


والره ترقرق
ربيع بينطق
ورب شاهد
إني باحبك


يا زين باحبك
والسين يا سمره
يا سمسميه
سيفك سرقني
قلبي سبقني
وقال باحبك


والشين شقاوه
والصاد صبيه
والضاد بتضوي
ضفيره طايره
ضربت في قلبي
ضحكت عينيا
ضمت عينيكي
قالت باحبك


والطه طعامه
وطبله دقت
ودماغي طقت
طارت حمامه
قالت باحبك


والظه ظريفه
والعين عوافي
يا عيون عفيفه
يا عش دافي
أنا باحبك


والغين غنايا
أنا باحبك


والليل غطايا
كلمة باحبك


والفه طفوله
وفص فوله
وفي قلبي فالح
فدان موالح
واليوستفندي
يقول باحبك


والقاف قواقع
صدف ولؤلؤ
وقلب طالع
م البحر يبرق
يقول باحبك


والكاف كلامك
بيشر سكر
وكركديه
ويقوللي بيتك
حيبقى بيتي
واللام لقيتك
بتلمي عيني
من الشوارع
وتلقفيني
ويا الملايكه
والميم ميعادنا
مأذون بلدنا
يوم الخميس
والنون ولادنا
نايمين في حضنك
والهه هاتيهم
وهدهديهم
وقولي هُو
ورضعيهم
لبن وماء
والواو سامعهم
بيقولوا واء
واليه يا ليل
مفيش أسيه
واليه ياسين
بيقول بهيه
والناي يقسم
ع الغنوه ديه
وأنا باحبك
بالأبجديه
أنا باحبك

أمين حداد من ديوان ريحة الحبايب

الثلاثاء، أبريل ١٢، ٢٠٠٥

كلام الليل - صلاح جاهين


كلام الليل كده
جميل زي الندى
ييجي النهار ويروح
ما يعود إلا صدى
كلام الليل كده


الليل نجومه كلام
لولي ودهب يا سلام
ونسيمه همس وغرام
والبدر سلطانه


الليل نجومه وعود
يا هنيا للموعود
والصبح كل العهود
ما كأنهم كانوا


الليل نجومه سطور
بيننا وبينه بحور
أول ما ييجي النور
تتهد عمدانه
وينادي كروانه
كلام الليل كده


كلام الليل كده
جميل زي الندى
ييجي النهار ويروح
ما يعود إلا صدى
كلام الليل كده


"من ديوان "منوعات غنائية




شوفي قد إيه - صلاح جاهين


يا بخت من يقدر يقول
واللي ف ضميره يطلَّعه
يا بخت من يقدر يفضفض بالكلام
وكل واحد يسمعه
يقف في وسط الناس ويصرخ : آه يا ناس
ولا ملام
ييجى الطبيب يحكي له ع اللي بيوجعه
يكشف مكان الجرح ويحط الدوا
ولو انكوى
يقدر ينوح
وانا اللي مليان بالجروح
ما اقدرش اقول
ما اقدرش ابوح
والسهم يسكن صدري ما اقدرش انزعه
شوفي قد إيه؟
احنا النهارده إيه في أيام السنه
شتا والا صيف
وفين أنا
إيه اللي وصّلنى هنا
أنا صاحب البيت والا ضيف
صوتي انحبس
ما اقدرش اقول
ما عرفش حاجه عشان اقول
ما اعرفش غيرك انتي بس
يا بت ياللي في حبك العقل اتهوس
مكان غريب
كأنه سجن كأنه مخدع لحبيب
كأنه بير
شباك حديد وعليه ستاير من حرير
والريح بينفد منه زي المسامير
الريح عوى
قلبى انقبض
قلبى اتلوى
الشمس تلج اصفر شعاعها صاروخ هوا
الضلمه تلج اسود كتير
ألوف ألوف القناطير
خبيني في شعورك يا بت
أحسن عروقى اتخشِّبت
شعرك خشن زى الحِرام الصوف يا بت
خبيني فيه م الزمهرير ..
ونَيِّميني في السرير
دخل النبى بردان خديجه لَفِّته
حَطِّت عليه غطيان لحد ما دَفِّته
دخل النبى بردان وقال: فين الغطا
البسمة غطت شفِّته

السبت، أبريل ٠٩، ٢٠٠٥

بلد الحبايب - أمين حداد



يا غربه يا غربه كفايه
إمتى الحبيب يبقى معايا
وارجع لفرشي وغطايا
ارجع حضن الحبايب


هافف عليا نسيم بلدي
في الغربه وانا عايش وحدي
نزلت دموعي على خدي
آه يا بلد الحبايب


نزلت دموعي على صدري
كان إيه خلعني من جدري
دا حبيبي كان راسه في حجري
فين يا دموع الحبايب


بقالي سنتين ع الحال ده
مهموم ووحيد فرشتي بارده
حلمت بيه ماسك ورده
فين يا ورد الحبايب


بقالي سنتين لم شفته
طلعت م المحفظه صورته
يا ريتني قبل ما جيت شرته
فين يا صورة الحبايب


بقالي سنتين لم ريته
في الحلم عديت على بيته
لقيته نايم غطيته
فين يا ريحة الحبايب


أمين حداد من ديوان حلاوة الروح

الأربعاء، أبريل ٠٦، ٢٠٠٥

الـبُـن - فؤاد حداد


القهوه تحبّ كنكه
والكنكه تحب كنبه
والكنبه تحب قعده
مبسوطة مربّـعه
وكـنّـا أربـعـه
أنا وانتِ وأنا وانتِ


وكنا عيون كتير
وطبلـيّـه وزير
ولا بنحبّ نبكي
ولا بنعرف نطير
أنا وانتِ وأنا وانتِ


سبنا البوسطه ورانا
في الترماي اللي داير
العـتـبـه للإمـام
كان ريقك جنبي ساكت
حـبّـيـتك من زمان
أنا وانتِ وأنا وانتِ


شـمّـيت لادن سعيد
شـمّـيـته من بعيد
شـمّـيـته من قريّب
خمس سنين حاغـيّب
على الشماعه خايـف
وباخاف على الدولاب
وبادوب على البـلاط
وباحسّ الظـله تـقلت
وباسـمع الوابـور
وباحسّ المـيّـه تقلب
أنا وانتِ وأنا وانتِ


الظُهر الشمس تلحس
الظله في الليمـان
والظهر الشمس تعمل
سيبرتايه دهـب
بصينا لبعض فيها
ومشينا لبعض نبكي
وقعدنا من التعب
أنا وانتِ وأنا وانتِ


باقول لك إيه باقول لك
حاجيب حاجات قديمه
قلبي كوره شراب
نلعب والا ما نلعب
فرحت لنا المدينه
وامبارح في التراب
أنا وانتِ وأنا وانتِ


وبنفرش ضينا
على ظلّة بعضنا
واحنا بنبرد هناك
علشان ندفا هنا
والقهوه تقول لنا
على بال النار ما تلسع
بتبقى حنـيّـنه
أنا وانتِ وأنا وانتِ

الجمعة، مارس ٢٥، ٢٠٠٥

الطير الجنايني - فؤاد حداد


فؤاد حداد

منين يا عم إبراهيم
قال لي أنا من الطير
يا ميت صباح النعيم
ويا ميت صباح الخير
ما أحلى الشقا لما أشقى
بقلب أعقل وأشقى
من العقول الشقيّه
أعدل جناح الطاقيه
وافتح عراوي الصدير
لسه في حياتي بقيّه
تسأل عيوني اللي عاشقه
الطير مزاج والا نشأه
والا الغرام اللي جابني
والجو صاحي عجبني أقول لك الحق يا ابني
كلنا من الطير


* * *


أقول لك الحق يا ابني كلنا من الطير
ولولا بين الجناين والشجر ما نعيش
وهدومنا لسه عليها من عيدان العش
يا ميت صباح النعيم
أنا اللي صاحي أهيم
واغني للورد يستاهل صوابعي شموع
بحس هادي ونادي وسندسي ومسموع